Dp الإسلام وأزمة العصر (2): المسلمون غزاة بطبعهم.. إرهابيون بحكم الواقع!
الرئيسية > دين ودنيا > كتاب دخل قلبي > الإسلام وأزمة العصر (2): المسلمون غزاة بطبعهم.. إرهابيون بحكم الواقع!

الإسلام وأزمة العصر (2): المسلمون غزاة بطبعهم.. إرهابيون بحكم الواقع!

يقول لويس في إحدى أكثر الجمل تعبيرا عن فكره: "إن معظم المسلمين ليسوا أصوليين كما أن معظم الأصوليين ليسوا إرهابيين، لكن معظم الإرهابيين في عصرنا مسلمون، ويفخرون بوصف أنفسهم بهذا"

نستكمل اليوم ما بدأناه في الحلقة السابقة من كتاب الإسلام وأزمة العصر للكاتب الغربي الصهيوني برنارد لويس، يكشف عن مدى حقده على الإسم وكراهيته ويبث سمومه عن المسلمين تحت مسمى البحث العلمي.. اليوم نستكمل الحلقة الثانية والأخيرة من عرض هذا الكتاب..

في الوقت الذي يفرّق فيه لويس بين الإسلام كعقيدة وبين كونه حضارة عمرها 14 قرناً من الزمان ينتسب لها حوالي مليار وثلث المليار من البشر في رقعة جغرافية هائلة. ويقرّ بفضل الحضارة الإسلامية على البشرية بعلومها وفنونها وآدابها، يعود للقول بأن التخلف الذي حلّ بها عن الغرب في القرون الماضية، لهو أزمة حقيقية للعالم كله اليوم.

تحريض الغرب على مواجهة كره المسلمين لهم
يؤكد لويس على تقارب الإسلام والمسيحية بشكل لافت للنظر، ولكنه يشير إلى اختلاف جوهري في رأيه بين الدينيين، وهو أن المسيحية لم تكن معنيّة بالسياسة منذ بداياتها، في حين أن الإسلام -في رأيه- معنيّ بالسياسة منذ أول يوم له، مستشهداً بفكرة الدولة والخلافة والجهاد.

ويشير إلى نموذج سيئ في رأيه لفكرة الثورة في الإسلام وهي الثورة الإسلامية في إيران، التي يراها شرا مطلقا في الداخل على الإيرانيين أنفسهم؛ في شكل تضييق للحريات واضطهاد وغيرها، وفي الخارج في شكل إرهاب وتخريب.

وبالرغم من اعترافه بعظمة الإسلام كدين كبير وفضله على البشرية في أوقات معينة، واعترافه بإرساء الإسلام لقواعد شريفة وراقية للحرب؛ من احترام العهود وعدم قتل الأبرياء وحسن معاملة الأسرى، إلا أنه في رأيه يمر بمرحلة من الكراهية الشديدة للغرب، وعلى الغرب أن يواجهها، كما استعرض جانبا من الفتوحات الإسلامية التي يسميها “غزوات”..

ويوضح أن المسلمين غزاة بطبعهم، والأمر لديهم امتلاك وحكم، وليس دينا أو قضية، عكس المسيحية الأوروبية المسالمة.

القدس لم يكن لها أهمية عند المسلمين
يحكي برنارد لويس عن أن المسلمين استغرقوا قرناً كاملاً من الزمان لاستعادة القدس بعد سقوطها في يد الصليبيين سنة 1099، كما أنهم لم يفكروا في استعادتها إلا بعد أن استفزت صلاح الدين غارات أمير صليبي يدعى رينالد دي شاتيون على قوافل المسلمين التجارية وقوافل الحجيج، فأعلن صلاح الدين الحرب التي استعاد فيها القدس عام 1187، النصر الذي ظل مصدر إلهام للقادة العرب لزمن طويل وإلى اليوم.

ويحاول لويس إقناع القارئ بأن القدس لم تكن أبداً بتلك القدسية والأهمية لدى المسلمين بدليل -كما يدّعي- أن أحد خلفاء صلاح الدين تنازل عن المدينة ببساطة للإمبراطور “فريدريك الثاني” كجزء من اتفاق سياسي تم التوصل إليه، ولم يكن أبداً الاهتمام الإسلامي “الغامض” -على حد تعبيره- بالمدينة كما كان في أواخر القرن التاسع عشر.

أمريكا ومبدأ “شريكي من يستطيع خدمتي الآن”
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، جاءت أمريكا لتعلن عن نفسها أمام كل المؤيدين والمعارضين، جاءت مع البترول والإعمار وتصدير الثقافة الجديدة بكل مستلزماتها من سلع وخدمات لن يستغني عنها الجميع بسهولة بعدها، وبدأ النجوم القدامى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرهم في الأفول، الكل يلعق في جراحه وينسحب من المشهد بهدوء مفسحين المجال للنجم الجديد أمريكا.

بدأت أمريكا توسع سطوتها وتدخلها هنا وهناك، إيران، مصر، السعودية، العراق… وغيرها منتهجة منهج المصلحة البحتة: “شريكي من يستطيع خدمتي الآن، وغداً يوم جديد”، فأصبحت لاعباً رئيسياً في يوم وليلة، وتخلّت عن الأساليب المباشرة القديمة إلى أساليب أكثر خفاءً، ولم يعد لمشاهدة الفيلم متعة من دونها.

وقد استخلصت الفئات المختلفة في المنطقة درسين: أولهما أن الأمريكيين على استعداد لاستخدام القوة والدسائس معاً لتنصيب الحكام  ليكونوا لعبة في أيديهم، وثانيهما أنه لا يمكن الاعتماد على أمريكا في حماية هؤلاء الحكام إذا ما جد جديد، مما أثار ضدها الكراهية والاحتقار معاً على حد وصف لويس.

ويضيف أيضاً أن فكراً جديداً بدأ في التأصل بالمنطقة ضد “أمريكا الشريرة”، وكان من رموز هذا الفكر الناشئ “سيد قطب” الأصولي المصري الشهير، الذي كان يعتبر أمريكا رمزاً لوثنية وجاهلية جديدة في العالم بنشرها لأفكار وسياسات من شأنها تهديد الإسلام في الصميم، وهو ما يعتبره لويس جذوراً جديدة نبتت أطرافها اليوم للعداء ضد الإسلام.

معظم الإرهابيين في عصرنا “مسلمون”
يقول لويس في إحدى أكثر الجمل تعبيرا عن فكره: “إن معظم المسلمين ليسوا أصوليين كما أن معظم الأصوليين ليسوا إرهابيين، لكن معظم الإرهابيين في عصرنا مسلمون ويفخرون بوصف أنفسهم بهذا”. ويقارن لويس بين هؤلاء الإرهابيين المسلمين وبين الإرهابيين الأيرلنديين أو الإسبان في إقليم الباسك، ويقول: “إن الفرق أن هؤلاء لا يقدمون أنفسهم كمسيحيين، وإنه حتى لو تعارضت أفعال وأفكار أولئك الإرهابيين مع تعاليم وأفكار الإسلام، فإنهم محسوبون على الإسلام شئنا أم أبينا”.

ويتهمهم بليّ أعناق القواعد الدينية والأحكام والنصوص حسب مزاجهم الشخصي، وإطلاق الفتاوى المكفرة أو المهدرة لدم أحدهم مثل “سلمان رشدي” صاحب كتاب “آيات شيطانية” الذي أهدر “الخميني” دمه في إيران.

ويقول أيضاً إن أسامة بن لادن يعتبر أن إعلانه الحرب ضد الولايات المتحدة الأمريكية إنما هو علامة على استئناف الصراع من أجل “السيطرة الدينية على العالم”، فتلك بالنسبة لأسامة وأتباعه اللحظة التي لا ينبغي أن تُفوّت، فأمريكا اليوم تمثل الحضارة السائدة وتجسد زعامة “دار الحرب” وقد أصابها الانحلال وأصبحت مهيأة للقضاء عليها.

حتى نعبر الأزمة
من هذا الكتاب نستخلص أن “برنارد لويس” يعتقد أن الإسلام لا يحض على العنف أو الكراهية بشكل مباشر، وإن كان أتباع له يفعلون هذا باسمه، والمشكلة في نظره ليست فقط في هؤلاء الفاعلين، ولكن تكمن في التعاطف المحتمل معهم من باقي العالم الإسلامي، نظراً لظروف التخلف والإحباط والعولمة الظالمة وغيرها..

وفي النهاية لا يبدو أن هذا الكتاب دعوة للتعقل أو للتواصل أو للفهم، أو حل المشاكل بشكل صحيح، ولكنها دعوة لمحو الآخر، بحجة أن “الآخر يريد محوي”.. هكذا ببساطة يلخص “برنارد لويس” الأمر، ليصبح البقاء للأقوى، ولتُبرّر كل أفعال أمريكا وحلفائها..

نحن لا ندعو بنشرنا لعرض هذا الكتاب إلى التعصب الأعمى ضد أحد، أو إلى التفكير بنفس طريقة العدو -هذا إن اتفقنا على أنه عدو- ولكن علينا أن نبدأ بإصلاح أنفسنا، وأن نكون نحن من ننقل الصورة الأصح عن أنفسنا للآخرين.

لمطالعة عرض الجزء الأول من الكتاب اصضغط هنا

 

اعلان