Dp سعد الدين الشاذلي.. رجل قال كلمة حق عند سلطان جائر
الرئيسية > سياسة > متابعات وملفات > سعد الدين الشاذلي.. رجل قال كلمة حق عند سلطان جائر

سعد الدين الشاذلي.. رجل قال كلمة حق عند سلطان جائر

جاءت وفاة الشاذلي في وقت يتواجد فيه الجيش المصري -الذي انتمى إليه- في الشوارع، بينما مئات الآلاف من المصريين يُطالبون بسقوط النظام

تُوفّي الفريق سعد الدين الشاذلي -رئيس الأركان المصري السابق- يوم الخميس الماضي الموافق 10 فبراير قبل يوم واحد مِن نجاح ثورة 25 يناير، وهي المصادفة التي تسبّبت في أن تمرّ وفاة البطل سريعاً، ودون زخم واهتمام إعلامي كافٍ يليق بمكانة الرجل الشريف الذي أعطى مصر الكثير.
 
وقد جاءت وفاة الشاذلي في وقت يتواجد فيه الجيش المصري -الذي انتمى إليه- في الشوارع، بينما مئات الآلاف من المصريين يُطالبون بسقوط النظام.

ولذا فدعونا الآن نقتطع بعض الوقت لنعرف مَن هو سعد الدين الشاذلي..

وقد قدَّم موقع BBC تقريرا مفصلا عن الرجل؛ فارتحلت إلى عالم سعد الدين الشاذلي، فوجدت أنه رئيس الأركان المصري السابق خلال حرب أكتوبر 1973، وقد تُوفّي عن عمر يناهز 88 عاما، وذلك بعد فترة مرض طويلة.

شغل الشاذلي منصب رئيس أركان حرب القوات المسلّحة المصرية في الفترة مِن مايو 1971 حتى ديسمبر 1973، ويُوصف بأنه الرأس المدبّر للهجوم المصري الناجح على خط الدفاع الإسرائيلي (بارليف) في حرب 1973.

كما شغل الشاذلي منصب سفير مصر في لندن عامَي 1974 و 1975، وسفيرها في البرتغال لنحو ثلاث سنوات متتالية.

حُكِم على الشاذلي في عهد السادات.. وسُجِن في عهد مبارك
وفي عام 1978 انتقد الشاذلي بشدّة معاهدة كامب ديفيد التي وقّعها الرئيس أنور السادات، وهو ما جعله يتخذ القرار بترك منصبه، والذهاب إلى الجزائر كلاجئ سياسي.

وحين عاد إلى مصر عام 1992 -في ظلّ حُكم مبارك- اعْتُقِل في مطار القاهرة، وسُجِن بدون محاكمة، بتهمة حُكِم عليه فيها غيابيا أيام السادات، وكان يتعيّن إعادة محاكمته.

الشاذلي كعسكري
ويعدّ الشاذلي مِن الشخصيات العسكرية المصرية التي تحظى بشعبية كبيرة واحترام شديد في مصر.

وقد ظلّ الرجل يعيش في شقته المتواضعة في ضاحية مصر الجديدة، والتي كان يقطنها منذ أن كان في منصبه العسكري الرفيع، ويعيش مِن عائدات كتبه ومقالاته.

ومن المهام العسكرية البارزة التي ارتبطت باسم الشاذلي:

– مؤسس وقائد أوّل فرقة قوات مظلية في مصر (1954 – 1959).

– قائد أول قوات عربية موحدة في الكونغو كجزء من قوات الأمم المتحدة (1960 – 1961).

– قائد لواء المشاة (1965 – 1966).

– قائد القوات الخاصة (المظلات والصاعقة) (1967 – 1969).

– قائد لمنطقة البحر الأحمر العسكرية (1970 – 1971).

ورغم محاولات تشويه تاريخ الرجل العسكري في عهد السادات، فإن العسكريين يعرفون قدره.

الشاذلي أراد تصفية الثغرة.. والسادات رفض
وكان رأي الشاذلي سحب بعض القوات من سيناء؛ لتطويق ثغرة الدفرسوار وإنهائها قبل توسّعها، إلا أن السادات لم يوافق هو ووزير الحربية أحمد إسماعيل علي.

وفي المنفى كَتَبَ الفريق الشاذلي مذكراته عن الحرب، والتي اتهم فيها السادات باتخاذ قرارات خاطئة رغما عن جميع النصائح من المحيطين أثناء سير العمليات على الجبهة، وأدّى ذلك إلى وأد النصر العسكري، والتسبّب في الثغرة، وتضليل الشعب بإخفاء حقيقة الثغرة، وتدمير حائط الصواريخ، وحصار الجيش الثالث لمدة فاقت الأشهر الثلاثة.

كما اتهم في تلك المذكرات الرئيس السادات بالتنازل عن النصر، والموافقة على سحب أغلب القوات المصرية إلى غرب القناة في مفاوضات فض الاشتباك الأولى.

وأنهى كتابه ببلاغ للنائب العام المصري يتهم فيه الرئيس السادات بإساءة استعمال سُلطاته.

وكان ذلك الكتاب هو الذي أدّى إلى محاكمته غيابيا بتهمة إفشاء أسرار عسكرية، وحُكِم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقّة.

وظلّ الحُكم غيابيا إلى أن قُبِض عليه في مطار القاهرة لدى عودته من منفاه بالجزائر عام 1992.

القضاء يحكم ببطلان حبس الشاذلي.. والحكم لا يُنفِّذ
وأثناء تواجده بالسجن، نجح فريق المحامين المدافع عنه في الحصول على حُكم قضائي صادر من أعلى محكمة مدنية مصرية، وينصّ على أن الإدانة العسكرية السابقة غير قانونية، وأن الحكم العسكري الصادر ضده يُعتَبر مخالفا للدستور.

وأمرت المحكمة بالإفراج الفوري عنه، وبالرغم من ذلك لم يُنفِّذ نظام الرئيس مبارك هذا الحكم الأخير، وقضى الشاذلي بقية مدة عقوبته في السجن.

وفي النهاية.. فقد ألّف الشاذلي عددا كبيرا مِن الكتب ذات الشعبية حتى في الأوساط غير العسكرية؛ ومنها: “حرب أكتوبر”، “الخيار العسكري العربي”، “الحرب الصليبية الثامنة”، “أربع سنوات في السلك الدبلوماسي”.

لقد عاش سعد الدين الشاذلي حياة حافلة كرجل عسكري ناجح ومخلص للوطن، واكتسب احترام كل مَن عمل معهم، وقدّم في حرب أكتوبر المجيدة مثالا متميّزا للقائد الذي يعرف أهدافه، وإن كان قد ظُلِم بعد ذلك نتيجة لألعاب سياسية لم يرِد الرجل أن ينغمس فيها، فيضيع بسببها النصر العسكري، إلا أن هذا الظلم الذي طاله مِن الرؤساء لم يستطِع ولو للحظة أن يُؤثّر على آراء العسكريين المختلفين، وكذلك على المواطنين العاديين فيه.

وها هي حياته تنتهي مع بداية عصر جديد، لا يمكن أن ندخله دون أن نتذكَّر مَن قالوا كلمة حق يوماً فلم يخافوا ولم يجبنوا، بل وضعوا نصب أعينهم رفعة الوطن فقط.. وكان الشاذلي أحد هؤلاء.

اعلان