بشار أفندي براقع!

الرئيس السوري فذلوك آخر حاجة، تستمع إليه فتشعر أنك تستمع إلى كلام مهم.. يقبرني ها الأسلوب بياخد العقل.. لكن في النهاية تنظر فلا تجد نفسك حصلت على أي شيء

الرئيس الوحيد الذي سيجد له عملا مرموقا بعد تخرّجه -أقصد تنحيه- هو الرئيس السوري بشار الأسد.. فالرجل متحدث بارع مفوّه يعرف مدلولات الألفاظ جيدا، بما يؤهله للعمل في أي توك شو كمتحدث تحت الطلب.. هابقى ابعت له رقم هالة سرحان!

وليس أدل على عبقرية الرجل من خطاباته الجيلاتينية الملبنية، التي كان آخرها خطاب اليوم الذي باع فيه الرئيس كثيرا من السمك في المية، وسار على نفس نهج العظماء السابقين من مدرسة المخاليع الرئاسية!

ففي الوقت الذي فشل فيه حسني مبارك أن يجد وظيفة أفضل من وظيفة مسجون، ورغم الكماليات والرفاهية والبرستيج الذي يحظى به في عمله اليومين دول؛ من حيث الطيارة اللي بتاخده كل يوم الصبح توديه شغله وترجّعه تاني، ومن حيث إنه بياخد تلات أيام إجازة في الأسبوع، وبالرغم من إنه بيشتغل معاه أولاده وأصحابه القدام كلهم في نفس المكتب، لكن برضه اسمه محبوس ومخلوع ومتبهدل يا حبة عيني!

وفي الوقت الذي فيه رفضت الولايات المتحدة مجرد دخول علي عبد الله صالح إلى أراضيها الطاهرة، فقرر بشجاعة من لم يجد بديلا أن يعيش في اليمن، يستصلح له كام فدان يزرعهم، ولا يرعى له كام غنمة حتى توافيه المنية..

وفي الوقت الذي يقضي فيه بن علي وقته في البلاي ستيشن والشات على الفيس بوك من فندق بجدة، إلا أنه في النهاية اسمه عاطل وعايش عالة على المملكة هو والمدام..

وفي الوقت الذي قُتل فيه القذافي، رغم أنه كان صاحب أكبر فرصة في الشهرة لو عاش، فقد كانت ستتلقفه القنوات الكوميدية، وربما عمل دويتو مع توفيق عكاشة كان هيكسر الدنيا.. مع إنه برضه كسّرها قبل ما يموت، ولكن القدر لم يمهله، وأصبح مصيره تلاجة متر في متر في سوق اللحمة.

يتبقى لدينا من الرؤوس التي تتطوح رأس الزعيم الوسيم بشار الأسد، ساحر الفنانات، صاحب العيون العسلية والبق المسمسم والكلمات المركّزة، الرئيس صاحب نظرية واحد اتنين تلاتة، الذي تذكّرني خطاباته -التي يقترب عدد ساعاتها من عدد قتلى اليوم الذي تلقى فيه- بفرحات أفندي براقع حين كان يقول بفلسفة: هنعمل خطة من تلات محاور…….

الرئيس السوري فذلوك آخر حاجة، تستمع إليه فتشعر أنك تستمع إلى كلام مهم.. يقبرني ها الأسلوب بياخد العقل.. لكن في النهاية تنظر فلا تجد نفسك حصلت على أي شيء، كباسط كفّيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه، الرجل لا يقول شيئا، لا يفيد بشيء، كلمات لا معنى لها مطلقا.. فالتحقيق مع العناصر المدانة موجود، ولكن من الصعب حاليا العثور على أدلة؛ بسبب الظروف، يا ما شاء الله يعني اللي يقتل يقتل يا جماعة علشان ظروف القتل هتخلينا مانعرفش نوصل للقاتل.. والحاصل زيادة الحرية في القتل فقط..

وحين تحدّث الزعيم اللطيف عن حكومة وحدة وطنية، حلّل عبقرينو الموضوع بأن حكومة الوحدة الوطنية أو الوفاق الوطني أو غيرها من مسميات شريرة تلجأ إليها الدول التي تعاني من وجود انقسامات وأيديولوجيات متعارضة بداخلها، لكن سوريا لا توجد بها انقسامات.. سوريا موحّدة لا تعاني أي تعددية لا قدر الله.. ولا توجد حالة انقسام تستدعي حكومة وحدة أو خلافه، فعلا سوريا موحدة ولا توجد انقسامات؛ لأننا بنخلّص أول بأول على المعارضة يا نبعتهم بره يا نبعتهم فوق!

الرئيس الملهم قال أيضا إنه كان نِفسه جدا يلغي قانون الطوارئ بس تقول إيه للشعب اللي مصمم على وجود قانون الطوارئ، ويرى فيه حماية له من الأوضاع المتفجرة.. وكأن قانون الطوارئ تم إقراره مع الأحداث مش قبلها ببتاع 68 سنة وربنا ينتقم من الظلمة.

بشار أفندي براقع يصنع مستقبله الآن، فعلى مستوى الفعل ها هو يحرك دباباته نحو القرى والبلدات المحتجة، وهو الذي لم يفكر يوما أن يوجّهها صوب الجولان، وعلى مستوى القول يهاجم العرب ويعادي الجميع بتصريحات من أيام الغنا بتاع عبد الناصر ودي كانت أيام وعدّت.. ولكنه في فعله وقوله لم يستطع أن يتخلص من الفذلكة والحركات وشغل الفلسفة الفارغة اللي ما عادتش بتوكل عيش ولا بتقعّد رئيس..