Dp مغارة “جعيتا”.. أجمل كهوف الكون!!
الرئيسية > سياسة > مقالات رأي > مغارة “جعيتا”.. أجمل كهوف الكون!!

مغارة "جعيتا".. أجمل كهوف الكون!!

ولا يمكن أن تزور لبنان ولا تسمع عن مغارة جعيتا.. يعرفون أنك لست لبنانيا فيسألونك مباشرة: "شو زرت جعيتا؟".. تفت

الخروج من بيروت يعني أنك تترك المدانة والحداثة لتنطلق إلى لبنان الحقيقية.. لبنان الطبيعة الجميلة والتاريخ العريق وهو ما قد تجده على نحو مثالي كما في مغارة جعيتا.

ولا يمكن أن تزور لبنان ولا تسمع عن مغارة جعيتا.. يعرفون أنك لست لبنانيا فيسألونك مباشرة: “شو زرت جعيتا؟”.. تفتح أي دليل سياحي عن لبنان فتجدها في المقدمة ويلقبونها باسم “جوهرة السياحة”.. تسير في شوارع بيروت فتجد الملصقات الدعائية تدعوك أن تمنح صوتك لجعيتا لتفوز في مسابقة عجائب الدنيا السبع الجديدة.. تظل تتساءل كثيراً عن سر هذه المغارة التي يتحدث عنها الجميع حتى.. حتى تزور جعيتا وتكتشف السر بنفسك!

وهكذا صارت زيارة مغارة جعيتا واجباً سياحياً لابد منه.. نحن الآن على بعد نحو عشرين كيلومترا شمالي بيروت، في وادي نهر الكلب حيث تقع المغارتين السفلى والعليا لجعيتا.. رجال الأمن يخبرونك أن التصوير ممنوع تماماً، وهو إجراء ضمن إجراءات عديدة يتخذونها للمحافظة على طبيعة الصخور.. ستدرك كم سيضايقك هذه القاعدة كثيراً فيما بعد، حينما تجد نفسك تتأمل كل هذا الجمال وكل هذه الروعة دون أن تمتلك القدرة على الاحتفاظ بصورة لها!

وفقاً لعلم الجيولوجيا فإن حركة مياه النهر هي التي كوّنت وشكلت معالم هذه المغارة، بل إن الكهوف نفسها هي نفق تتخذه مياه النهر داخل المغارة حتى تصل لنهر الكلب وتمده بالمياه.

عند مدخل المغارة السفلى كان الزحام شديداً.. أخذت مكاني في الصف الطويل وسط العشرات من السياح وأطفال المدارس وغيرهم من اللبنانيين، وأخذت أقرأ بعض المعلومات عن المغارة.. المغارة السفلى اكتشفها المبشر الأمريكي وليام طومسون في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، عندما توغل لمسافة خمسين مترا في المغارة وأطلق ناراً من بندقية الصيد التي كان يحملها، وأدرك من صدى الصوت أن للمغارة امتداداً جوفياً..

في المغارة السفلى تنتظر دورك كي تستقل القارب ليمضي بك فوق مياه نهر الكلب بين التكوينات الصخرية للمغارة.. القوارب تقل الزائرين إلى مسافة 500 مترا داخل المغارة التي تمتد نفسها إلى أكثر من ستة آلاف متر.. تأمّل الصخور الكلسية وأشكالها الغريبة لكن كن حذراً من أن يصطدم رأسك بسقف المغارة خلال رحلة القارب.

لاحظ معي أن الجو يعد بارداً قليلاً.. درجة الحرارة هنا ست عشرة درجة مئوية، وتبقى كذلك طوال العام -في المغارة العليا تكون 22 درجة مئوية.. الآن وقد انتهينا من المغارة السفلى، دعنا نمضي إلى المغارة العليا!

ما بين المغارة السفلى والعليا يمكنك أن تستقل الطفطف في الطريق، وفي طريق العودة يجب أن تأخذ التلفريك.. كلا يا سيدي.. ليس هذا هو التلفريك اللبناني الشهير.. إنه مجرد تلفريك صغير يقطع مسافة صغيرة بين المغارتين، أما التلفريك الحقيقي فيمكنك أن تجربه في جونيه ليأخذك في جولة لا تُنسى بين جبال لبنان.

وهذه المغارة العليا.. قد اكتشفها المهندس والنحات اللبناني غسان كلينك، وافتتحت في يناير 1969 في احتفال موسيقي كبير، لكنها لم تلبث أن أغلقت طوال سنوات الحرب الأهلية، وأعيد افتتاح جعيتا للسياح من جديد في يوليو 1995 بعد عشرين عاماً من الإغلاق.

في المغارة العليا يمكنك أن تسير -على قدميك وليس بالقارب- كثيراً لمسافة تمتد أكثر من 120 مترا من المغارة؛ لتتأمل روعة الطبيعة في قلب الجبل.. قاعات كاملة نحتتها الطبيعة مشكّلة تماثيل صخرية في غاية الروعة والجمال.. تماثيل وتشكيلات طبيعية متنوعة وقباب وأشكال غريبة وعجيبة.. تمضي بينها تتأمل روعة الخالق الذي امتدت مقدرته إلى جوف الجيب لتبدع كل هذا الجمال الرباني.

انتهينا من زيارتنا لجعيتا وخرجنا مفعمين بالتساؤلات.. كم ألفا من السنين استغرقتها الطبيعة لتشكيل كل هذه التكوينات العجيبة؟

كم ألفا أخرى من السنين ظلت هذه المغارة خفية عن العيون تسكن الجبل في صمت دون أن يقلق نومها أحد من البشر؟

ولأنك مهما وصفت وتحدّثت وحكيت عن مغارة جعيتا، فلن تستطيع أبداً أن تنقل انبهارك لمن يسمع، فالأفضل أن تُشاهد بنفسك.. صحيح أن الصور والفيديو لن تكون خير تعبير، لكنها قد تُرضي فضولك لأن ترى مغارة جعيتا دون أن تكلّف نفسك عناء الرحال إلى لبنان.

ويمكنك أيضاً أن تصوّت لمغارة جعيتا في المسابقة الدولية لاختيار عجائب الدنيا السبع الطبيعية الجديدة هنا

مغارة جعـــيتا حديــث الــكون
التصويت إلها واجب ومن هون
بيحكو بجــمالا بكافة الـمعمور
هالمغارة المِن عـصور وعـصور
فيها الـمشاهد أل لـون ولــون
تا تـصيـر الـمغارة فـخر الــبلاد

                                     إميل نون



اعلان