الشيعة.. مذهب ديني؟ أم إسلام محرّف؟
هل فكّرت يوماً أن تقرأ عن الشيعة أو تعرف معتقداتهم وعقائدهم؟! هل تعلم أن الشيعة يمثّلون شريحة كبيرة من المجتمع الإسلامي الكبير المتوزّع في بقاع العالم المختلفة؛ حيث ساهموا في بناء الحضارة الإسلامية
مقتل علي بن أبي طالب
عقد “الخوارج” العزم على التخلص من كل من علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، إذ رأوا أن هؤلاء هم سبب الفتن والمصائب التي حلّت بالأمة؛ فقرروا التخلص منهم، وقد تمكّن عبد الرحمن بن ملجم الخارجي من طعن علي بن أبي طالب؛ حيث استشهد رضي الله عنه في مسجد الكوفة وهو خارج لصلاة الفجر سنة 40 هـ، بينما أخفق الخوارج في قتل معاوية وعمرو بن العاص.
وبعد مقتل علي وما حدث من حوادث لابنه الحسين من بعده، أفرط محبّوهما في حبهما لدرجة المغالاة وحب آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبدأت من هنا نشأة المذهب الشيعي، وانتشار الفِرَق ذات الآراء السياسية والعقائدية.
الرأي الشيعي في نشأة المذهب
لم يكن للشيعة رأي موحّد في هذا الأمر، لكن نستطيع أن نستخلص ثلاثة آراء في نشأة التشيع حسب رأي الشيعة، وكلها جاءت في كتبهم المعتمدة.
يرى أصحاب الرأي الأول أن التشيّع قديم وُلِد قبل رسالة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأنه ما من نبي إلا وقد عُرض عليه الإيمان بولاية علي بن أبي طالب.
وقد وضع الشيعة أساطير كثيرة لإثبات هذا الشأن، ومن ذلك ما جاء في “الكافي” عن أبي الحسن قال: “ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولم يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد -صلى الله عليه وآله- ووصية عليّ عليه السلام”.
وجاء في كتاب “البحار” المعتمد عند الشيعة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -كما يزعمون: “يا عليّ، ما بعث الله نبياً إلا وقد دعاه إلى ولايتك طائعاً أو كارهاً”، وهذه الرواية موجودة في “بصائر الدرجات” للصفّار، وفي “الاختصاص” للمفيد.. وفي رواية أخرى لهم عن أبي جعفر قال: إن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق النبيين بولاية علي.
ويزعم أصحاب الرأي الثاني أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي وضع بذرة التشيع، وأن الشيعة ظهرت في عصره، وأن هناك بعض الصحابة الذين يتشيّعون لعليّ، ويوالونه في زمنه صلى الله عليه وسلم.
يقول الشيخ علي بن إبراهيم القمّي من أشهر رواة الشيعة وأبرزهم: “فأول الفِرَق الشيعة، وهي فرقة علي بن أبي طالب المسمون “شيعة علي” في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته؛ منهم المقداد بن الأسود الكندي، وسلمان الفارسي، وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري، وعمار بن ياسر المذحجي.. وهم أول من سُمُّو باسم التشيع من هذه الأمة”.
أما أصحاب الرأي الثالث والأخير فيرون أن تاريخ ظهور الشيعة يرجع ليوم “موقعة الجمل”، وهي معركة وقعت في البصرة عام 36 هـ بين قوات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والجيش الذي يقوده الصحابيان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، بالإضافة إلى السيدة عائشة بنت أبي بكر، وقال ابن النديم وهو جامع فهارس شيعي عربي وصاحب كتاب “الفهرست”: إن علياً قصد طلحة والزبير ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر الله جل اسمه؛ فسمى من اتبعه على ذلك الشيعة، فكان يقول: شيعتي، وسماهم الأصفياء الأولياء.
هذا رأي يشير إلى تاريخ ظهور الشيعة بمعنى الأنصار والأتباع، وتاريخ إطلاق لقب الشيعة على أنصار علي، وأن علياً هو الذي لقّبهم بذلك؛ حيث يقول: “شيعتي”.
ولكن أهل السنة لم يوافقوا على أي من الروايات الثلاثة.
كانت هذه مقدمة سريعة عن نشأة المذهب الشيعي، وفي الأجزاء القادمة من هذه السلسلة سنتوغل أكثر في “عالم الشيعة”؛ فتابعونا..