Dp د. أحمد خالد توفيق يكتب.. زوزانكا (الأخيرة)
الرئيسية > ثقافة > ثقافة وأدب > د. أحمد خالد توفيق يكتب.. زوزانكا (الأخيرة)

د. أحمد خالد توفيق يكتب.. زوزانكا (الأخيرة)

كانت تعرف تلك الغرفة الضيقة تشبه الزنزانة فعلا سوف تكون لحظات قاسية هناك لقد سقطت الأقنعة وآل بولوديس يعترفون أن لديهم سرا مروّعا


انقض تافيلوف على زوزانكا (رسوم: فواز)

وقفت زوزانكا تلهث..
لقد تم التحول بسرعة.. كانت تعرف أنها ستتحول.. لعله الغضب أو الخوف هما سبب هذا التحول السريع. الليلة الأولى عندما اجتازت الغابة عائدة من عند ليلى إزرجاليس، وعندما انقض عليها تافيلوف، وعندما عض عنقها، عرفت بعدها أنها لن تخاف الظلام أبدا وأنها ستلحق به..

أخبرها في الظلام بالسر.. أخبرها بأنها ستجد البيت المقصود.. هناك علامات تدلها على هذا البيت. أسرة لا تزور ولا تُزار، ولم يرهم أحد في الكنيسة، ولديهم الكثير من الأسرار. أسرة تحوم حولها علامات استفهام بصدد كونها أسرة من مصاصي الدماء.. هذا كلام فارغ.. هذه العلامات تدلك فقط على أن بيتهم مقام فوق فجوة..

سوف يمهد لها القدر الطريق.. سوف تجد تلك الأسرة وهذا البيت..
في تلك الليلة لم تسأل نفسها عن سبب وجود جاتيس في الغابة لأنها كانت تعرف.. لم تسأل نفسها عن الكيفية التي رأى بها في الظلام الدامس ولا كيف سمع صرختها لأنها كانت تعرف.. لم تسأل نفسها عن القوة الكاسحة التي قهر بها شابين ضخمين لأنها كانت تعرف..

كل هذه علامات على أنها في الطريق الصحيح..
يجب أن تدخل هذا البيت.. وعرفت أنها ستتزوج جاتيس لأن هذا قدرها.. سوف يحبها.. ربما تحبه كذلك..
والآن هي تحمل جاتيس الذي فقد وعيه.. تحمله كأنه طفل رضيع وتتقدم نحو القبو..

تمشي فوق الدماء والجثث وآثار المعركة وتشم رائحة الحريق..
تُرى هل بقي شخص آخر حيا من آل بولوديس؟ لا وقت لتعرف.
تهبط به إلى القبو وتمشي وسط أشلاء الحيوانات الممزقة.. ثم تفتح الباب السري وتهبط إلى الدرج..

إلى العالم الغريب حيث التوابيت المتراصة المفتوحة.. حيث تتحدى كل قواعد الفيزياء، ويسقط السائل إلى أعلى وتبدو الأشياء البعيدة عنك أقرب من سواها.. هنا يمكنك أن ترى الأنين وتسمع الدم وتشم الضوء وتتذوق الألوان..

هذا هو المكان المختار..
المكان الذي كُلّفت بأن تجده..
والأسرة لم تدرِ قط أن هذا المكان العجيب يقع تحت قبو دارها. أو ربما عرفت لكن حسبته يقود إلى كهف لا مبرر لاستكشافه..

هذا هو المكان المختار.. هناك فتحات أخرى تحت بيوت أخرى عديدة. كلها تقود إلى هنا، وفي هذا المكان تبدأ مملكة مصاصي الدماء. كائنات الليل الكابوسية..
بدأ جاتيس يفتح عينيه ويئن..

نظرت له في رفق.. لا تنكر أنها أحبته ومالت له كثيرا. برغم أن لقاءهما لم يكن سوى طريقة لدخولها هذا البيت. سوف يكون عليه أن ينضم إلى هذا العالم ويعيش بطريقتهم.. البديل هو أن يصير وجبة لضيوف هذا الحفل..

زوزانكا صاحبة العينين العميقتين..
زوزانكا ذات القدمين الدقيقتين..
زوزوانكا تقف هناك في الضوء الخافت تراقب التوابيت المفتوحة.. تسمع صوت الخطوات القادمة من بعيد عبر أرجاء الكهف.. الفجر قادم وهم عائدون..
سوف تراهم الآن..

 

*********

 

تمت

 

الحلقات السابقة:
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. زوزانكا (1)
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. زوزانكا (2)
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. زوزانكا (3)
د. أحمد خالد توفيق يكتب.. زوزانكا (4)
اعلان